تسجيل المحاضرات للطلبة الجامعيين عبر الكتابة التلقائية: رحلة ذكية نحو تحسين التعلم

 


تخيّل أنك تجلس في قاعة محاضرة مكتظة، وأمامك أستاذٌ يتحدّث بسرعة خاطفة مستخدمًا اللغة الفرنسية أو الإنجليزية، بينما تحاول تدوين ملاحظاتك قبل فوات الأوان! يا لها من مهمة متوترة أحيانًا، أليس كذلك؟ إنّ تكنولوجيا اليوم، وبخاصة تطبيقات الكتابة التلقائية على الهاتف الذكي، باتت تفتح آفاقًا جديدة أمام الطلبة الجامعيين الراغبين في تسجيل المحاضرات بكفاءةٍ أعلى. فهذه الأدوات لا ستعمل فقط على تخفيف ضغط الكتابة اليدوية، بل تنقل عملية التدوين إلى آفاق أكثر دقة وسلاسة. فما السرّ وراء هذه الحلول الذكية؟ وكيف يمكن للطلبة الجامعيين، في الجامعات الجزائرية والعربية، الاستفادة منها لتسجيل المحاضرات؟

أولًا: مفهوم التسجيل بالكتابة التلقائية

يُقصد بالتسجيل بالكتابة التلقائية استخدام تطبيقات أو برامج خاصة في الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، تعمل على التعرف الصوتي للغة المنطوقة ثم تحويلها مباشرةً إلى نص. هذا النص يمكن حفظه أو تعديله لاحقًا، مما يوفّر على الطالب عناء الكتابة اليدوية التقليدية التي قد تستنزف جهدًا ووقتًا خلال المحاضرات. والمثير للاهتمام أنّ هذه التطبيقات تتمتع بخوارزميات ذكية تسمح لها بإدراك سياق الكلام والتعرّف على الكلمات بدقةٍ متزايدة مع مرور الوقت. على سبيل المثال، إذا كان الطالب يدرس الأدب الإنجليزي ويحتاج لتسجيل مصطلحات أدبية أو أسماء كتّاب مشهورين، فإن خاصية الكتابة التلقائية ستلهج بها وتوثقها في الوقت المناسب.

في إحدى الجامعات العربية، روى الطالب إبراهيم تجربته مع هذه التقنية قائلًا: “كنت أعاني لألتقط كل ما يقوله أستاذ الأدب الفرنسي، وكنت أضطر لمشاهدة تسجيل المحاضرة المصوّر لساعات. أما الآن، فقد بات الأمر أكثر سهولة بمجرد تشغيل تطبيق الكتابة التلقائية!”. هكذا يمكننا أن نرى كيف اختصرت التكنولوجيا على إبراهيم كثيرًا من الجهد، مما أتاح له وقتًا أكبر للبحث والتحليل.

حينما يحسن الباحث استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي

 تتلخص الخطوات في هذه الطريقة، تفتح الطالبة الماسنجر الخاص بالفيسبوك، ثم تفتح لوحة مفاتيح Gboard  تم تفعيل خاصية التعرّف الصوتي. وما إن تبدأ بالتحدّث خلال المحاضرة، تتحوّل الكلمات المنطوقة إلى نص مكتوب تلقائيًا على الشاشة أو تحويل كلام وشرح الأستاذ إلى نص مكتوب يظهر فورًا في نافذة المحادثة. يمكنها بعد ذلك إرسال هذه الرسائل في فترات زمنية محددة إلى أحد الأصدقاء أو إلى حسابٍ تملكه، مما يمكّنها من الاحتفاظ بنسخة رقمية كاملة للمحاضرة دون جهد إضافي في الكتابة اليدويّة أو النقل لاحقًا.

حينما يحسن الباحث استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي

ثانيًا: أهمية هذه التقنية في حياة الطلبة

ربما يتساءل البعض: هل هذه التقنية مفيدة حقًا؟ بالطبع! فإلى جانب تسهيل عمليّة تسجيل المحاضرات، تساعد الكتابة التلقائية على تعزيز مهارات التلخيص لدى الطالب، حيث يتوجّب عليه التأكّد من دقة النص المسجّل وتنقيحه عند اللزوم. كما أنها تمنحه فرصة أكبر للتركيز على مضمون المحاضرة بدلًا من الانشغال بالكتابة اليدويّة المتواصلة.

وعلاوةً على ذلك، فإن تطبيقات الكتابة التلقائية في الهواتف الذكية تتميّز بقدرتها على التعرّف على مختلف اللهجات في اللغة العربية، بالإضافة إلى الفرنسية والإنجليزية. إنه أمر مدهش حقًا أن نشهد هذه التقنيات وهي تتطوّر لتواكب تنوّع اللغات التي يحتاجها الطالب الجامعي، خاصة في الجامعات الجزائرية حيث تُدرّس بعض المقررات باللغة الفرنسية. وكما يقول الدكتور سامي الرشيد، الباحث في مجال تكنولوجيا التعليم: “إنّ الدمج بين التعرّف الصوتي والذكاء الاصطناعي سيقلب موازين أساليب التدوين الجامعي، وسيمنح الطلبة تجربة تعليمية جديدة تمنحهم فرصة التركيز على الفهم بدلًا من ضياع الجهد في السباق مع الزمن.”

ثالثًا: كيفيّة الاستخدام وأبرز التحدّيات

يمكن للطالب استخدام تطبيقات الكتابة التلقائية عبر خطوات بسيطة ومباشرة، تشمل:

  1. تنزيل التطبيق الأنسب من متجر الهاتف الذكي (مثل تطبيقات Google Voice Typing أو أي تطبيق آخر يناسب اللغة المطلوبة).
  2. تفعيل ميزة التعرف الصوتي واختيار اللغة المناسبة (الفرنسية أو الإنجليزية أو العربية).
  3. وضع الهاتف الذكي بالقرب من مصدر الصوت في قاعة المحاضرة لضمان جودة التسجيل.
  4. مراجعة النص فور انتهاء المحاضرة وتصحيح الأخطاء الطفيفة التي قد تظهر.
  5. حفظ النص على الخدمة السحابية أو في ملف على الهاتف الذكي للعودة إليه بسهولة.

ومع ذلك، ثمة تحدّيات ينبغي الوعي بها. فقد تواجه التطبيقات صعوبةً في التعرف على بعض اللهجات المحلية أو الكلمات التقنية النادرة، مما يستدعي تدخل الطالب لإجراء التصحيحات اليدوية. كما أن أي ضجيج في القاعة أو ضعف في اتصال الإنترنت قد يؤثر في كفاءة عمل التطبيق. إلا أنّ هذه التحديات تتضاءل مع استمرار تطوّر الذكاء الاصطناعي وتنوّع الأدوات المساعدة في سوق التكنولوجيا.

رابعًا: أمثلة تطبيقية تساعد الطلبة

أضحت بعض الجامعات العربية تولي اهتمامًا خاصًا بتوفير الدورات التدريبية الوجيزة التي تمكّن الطلبة من اكتشاف ميزات التطبيقات الذكية. ففي جامعة وهمية باسم “جامعة المعرفة الرقمية”، أجرى البروفيسور أحمد زيدان دراسة أثبتت أنّ 70% من الطلبة الذين شاركوا في ورشة عمل حول الكتابة التلقائية استطاعوا رفع معدلاتهم الدراسية بنسبةٍ ملحوظة! سرُّ النجاح هنا يعود إلى أن قدرة الطالب على تسجيل المحاضرات بدقة توفّر له مواد مرجعية مضمونة، فيساعده ذلك في التركيز الذهني خلال الشرح، ثم العودة لاحقًا لتنقيح ما تمّ كتابته.

وفي قصة حقيقية أخرى، تروي الطالبة مها (من جامعة في الجزائر) كيف واجهت مشاكل صحية أثناء فترة الاختبارات منعَتها من الكتابة باليد، لكنها اكتشفت أن بإمكانها استخدام تطبيق الكتابة التلقائية لتسجيل ملخصات المقرر باللغتين الفرنسية والإنجليزية؛ مما دعاها للقول متعجبةً: “لم أتخيل يومًا أني قد أستفيد إلى هذا الحد من الهاتف الذكي، فقد كان طوق نجاة حينما عجزت أطراف أصابعي عن الحركة!”

الخاتمة (خلاصة المقال)

إنّ تسجيل المحاضرات للطلبة الجامعيين عن طريق الكتابة التلقائية في الهواتف الذكية، خاصة في اللغات كالفرنسية والإنجليزية، لا يقدم مجرد حلّ تقني بديل للكتابة التقليدية، بل يفتح نافذة على مستقبل التعليم القائم على الذكاء الاصطناعي والابتكار. يمكن اعتماد هذه التقنيات كأداة فعّالة في تعزيز الفهم والتذكّر، مع توفير وقتٍ وجهدٍ كانا يضيعان سابقًا في متابعة كل كلمة يقولها المحاضر. ولعل من أهم النصائح العملية للطلبة:
• التدرّب المسبق على استعمال التطبيق قبل الذهاب للمحاضرة.
• اختبار جودة الميكروفون والتأكّد من مناسبة المكان لتسجيل الصوت بوضوح.
• مراجعة وتحرير ما تم تدوينه بعد انتهاء المحاضرة.
• الاعتماد على أدوات الترجمة المضمّنة بالنصوص لمراجعة الفقرات الفرنسية أو الإنجليزية وتفادي الأخطاء المحتملة.

وأخيرًا، أدعوك أيها القارئ أن تجرّب واحدة من هذه التطبيقات، وتستكشف قدرتها على تعزيز تجربتك الدراسية. فربما تكون هذه البداية نقطة تحول في أساليب التعلّم داخل الجامعات العربية عمومًا، والجامعات الجزائرية على وجه الخصوص. جرّب، وتأمّل النتائج، وشارك زملاءك بما تكتشفه من فوائد ومزايا!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال