📁 آخر المقالات

لا طرد قبل سن الـ 16 وإعادة إدماج إلكترونية.. قرارات جديدة في صالح التلميذ الجزائري

عودة التلاميذ المفصولين 2025: دليلك الكامل للقرار، المنصة، والتحديات

مع بداية الموسم الدراسي 2025-2026، أصدرت وزارة التربية الوطنية قرارات هامة تضع "مصلحة التلميذ" في قلب أولوياتها، وعلى رأسها تأكيد مبدأ عدم طرد أي تلميذ قبل بلوغه سن 16 عامًا، وفتح باب العودة للمفصولين عبر منصة رقمية. هذا القرار، الذي يجمع بين ما هو إنساني وتقني وتربوي، ليس مجرد خبر عابر، بل هو قضية تفتح الباب واسعًا أمام نقاشات جوهرية حول مستقبل أبنائنا والمنظومة التعليمية بأكملها. فهل تمثل هذه الإجراءات بداية حقيقية لمعالجة ظاهرة التسرب المدرسي، أم أنها مجرد حلول مؤقتة تخفي تحديات أعمق؟

لقطة شاشة لواجهة منصة فضاء الأولياء الرقمية تظهر إعلان مواعيد تسجيل التلاميذ وإعادة الإدماج للسنة الدراسية 2025-2026.

القرار الجديد: ما الذي أقرته وزارة التربية؟

أكدت الوزارة على مبدأين أساسيين يهدفان إلى حماية المسار الدراسي للتلاميذ:

  • منع الطرد قبل سن 16 عامًا: وهو السن القانوني لانتهاء التعليم الإلزامي في الجزائر. هذا الإجراء يستند إلى القانون رقم 08-04 المؤرخ في 23 يناير 2008، الذي يتضمن القانون التوجيهي للتربية الوطنية، وينص صراحة في مادته 12 على أن "التعليم إلزامي لجميع الفتيات والفتيان البالغين من العمر ست (6) سنوات إلى ست عشرة (16) سنة كاملة"[1].
  • رقمنة عملية إعادة الإدماج: لأول مرة، أصبحت عملية تقديم طلبات العودة للدراسة (للمفصولين سابقًا) تتم حصريًا عبر منصة "فضاء الأولياء" الرقمية، في الفترة الممتدة من 24 سبتمبر إلى 4 أكتوبر 2025.

بناءً على هذا المبدأ القانوني، فإن التلاميذ المعنيين بقرار الإعادة هم كل من لم يبلغوا سن 16 سنة كاملة عند بداية السنة الدراسية. بالنسبة للموسم الدراسي 2025-2026، يشمل هذا القرار بشكل مؤكد التلاميذ المولودين بعد 31 ديسمبر 2009. ويبقى القرار النهائي في قبول الالتماس بيد مجلس القسم الذي يدرس كل حالة على حدة.

دليلك الكامل لاستخدام منصة "فضاء الأولياء"

"فضاء الأولياء" هي المنصة الرقمية الرسمية التي أطلقتها وزارة التربية لتعزيز التواصل بين المدرسة والأسرة، وهي الأداة الحصرية لتقديم طلبات إعادة الإدماج هذا العام. إليك الدليل التفصيلي خطوة بخطوة:

أولًا: خطوات التسجيل وتفعيل الحساب (لولي الأمر الجديد)

  1. إنشاء حساب جديد: ادخل إلى الرابط الرسمي للمنصة (awlyaa.education.dz) واضغط على زر "تسجيل جديد"[2].
  2. إدخال معلومات الحساب: أدخل بريدك الإلكتروني (إيميل)، اختر كلمة مرور قوية، وأضف رقم هاتفك النقال.
  3. تعبئة المعلومات الشخصية: املأ استمارة المعلومات المدنية الخاصة بك كولي أمر (الاسم، اللقب، تاريخ الميلاد، إلخ).
  4. تعبئة المعلومات المهنية: أكمل البيانات المتعلقة بمهنتك. بعد إتمام هذه الخطوات، يكون حسابك كولي أمر قد تم إنشاؤه بنجاح.

ثانيًا: كيفية إضافة الأبناء وتقديم الالتماس

  1. تسجيل الدخول: ادخل إلى حسابك باستخدام البريد الإلكتروني وكلمة المرور.
  2. الوصول إلى قسم الأبناء: ابحث عن قسم "أبنائي المتمدرسون" في لوحة التحكم الخاصة بك.
  3. إضافة التلميذ: اضغط على زر "تسجيل" وأدخل "رقم التعريف المدرسي" الخاص بابنك. هذا الرقم تجده في شهاداته المدرسية أو كشوف نقاطه القديمة.
  4. انتظار التفعيل من المدرسة: بعد إدخال الرقم، يجب على إدارة المؤسسة التي كان يدرس بها ابنك المصادقة على طلب الربط من جهتها. هذه الخطوة ضرورية لتفعيل التلميذ في حسابك.
  5. تقديم طلب إعادة الإدماج: بمجرد تفعيل التلميذ، ستتمكن من تقديم التماس إعادة الإدماج مباشرة من خلال المنصة خلال الفترة المحددة.

تحليل نقدي من الميدان: بين الأمل في الإنقاذ والخوف من التعقيد

لا أحد يختلف على أن حماية الطفل ومنحه فرصة أخرى هو مبدأ إنساني نبيل. لكن الإشادة بالنوايا لا يجب أن تعمينا عن التحديات العملية التي تظهر في الميدان.

قنبلة الفوارق العمرية الموقوتة

إن وجود تلميذ يبلغ من العمر 15 أو 16 عامًا في قسم للسنة الأولى متوسط بجانب أطفال في عمر 11 و 12 سنة ليس مجرد رقم، بل يخلق مشاكل معقدة:

  • تحدٍ بيداغوجي: كيف يمكن لأستاذ أن يبني درسًا متجانسًا يخاطب عقليات ومراحل نضج مختلفة تمامًا؟
  • تحدٍ نفسي واجتماعي: التلميذ "الكبير" غالبًا ما يشعر بالخجل أو التمرد، وقد يفقد كل دافع للتعلم، بينما قد يشعر الصغار بالخوف، مما يسمم بيئة القسم.
  • مشكلة الاكتظاظ: كيف سيتم استيعاب هؤلاء التلاميذ في أقسام تعاني أصلًا من مشكلة الاكتظاظ في بعض المناطق؟

الحل ليس في الإعادة، بل في إعادة التوجيه

إن المشكلة الحقيقية ليست في "العودة"، بل في "العودة إلى أين؟". إن قرار إعادة التلميذ إلى مقاعد الدراسة هو نصف الحل فقط. يبقى النصف الآخر، والأكثر أهمية، هو كيفية ضمان نجاح هذه العودة. بدلًا من إعادة تدوير الفشل، يجب تفعيل دور مستشاري التوجيه لدراسة كل حالة وتوجيه التلميذ نحو المسار الذي يناسبه، والذي قد يكون التكوين المهني كبديل حقيقي وجدير.

رأي شخصي: رسالة من أستاذ وأب

من منطلق خبرتي كأستاذ لأكثر من 22 عامًا في الميدان وكأب، أوجه نداءً مباشرًا إلى الأولياء: راقبوا أبناءكم بحب وحكمة. إن إجبار ابنك على السير في طريق أكاديمي لا يرغب فيه ولا يملك أدواته هو وصفة للإحباط والفشل المتكرر. إذا رأيت أن ابنك فقد الدافع تمامًا للدراسة النظرية، فالأفضل هو فتح حوار صريح معه حول بديل التكوين المهني. هناك سيجد فرصة حقيقية لإثبات ذاته وبناء مستقبل ناجح بعيدًا عن ضغط لا طائل منه. النجاح له عدة طرق، والتكوين المهني أحد أشرفها وأكثرها واقعية.

خاتمة: من "الحق في العودة" إلى "الحق في النجاح"

لا يمكن إلا أن نثمن قرارات وزارة التربية التي تمنح أبناءنا فرصة ثانية. لكن، يجب أن يتجاوز الأمر مجرد قرار إداري. فالتحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذا "الحق في العودة" إلى "حق في النجاح". وهذا لن يتحقق إلا من خلال استراتيجية متكاملة تشمل المرافقة النفسية، والدعم الدراسي، والأهم من ذلك، الشجاعة للاعتراف بأن التعليم الأكاديمي ليس الطريق الوحيد للنجاح، وأن فتح أبواب التكوين المهني المبكر ليس "عقابًا"، بل هو "فرصة" حقيقية لمستقبل أفضل.

محمد بوداني
محمد بوداني
أستاذ متخصص في التاريخ والجغرافيا بخبرة تزيد عن 22 عامًا في ميدان التعليم. مؤلف كتاب "مصباح: أضئ عقلك وحول التعلم إلى مغامرة"، ومؤسس مدونة Taalim Hub ومجتمع مصباح. شغفي هو تبسيط العلوم وجعل التعلم رحلة ممتعة وملهمة. أشارك هنا استراتيجيات عملية وتقنيات حديثة لمساعدة الطلاب وأولياء أمورهم على تحقيق النجاح الدراسي وبناء مستقبل مشرق.
تعليقات